بنعمة اللَّه تعالى، فكيف أدخل بين رجلين نزغ الشيطان بينها، فحمل أحدهما على هجو الآخر إلا بالإصلاح بينهما؟
والرجل الذي قيل فيه الشعر المذكور اسمه السالم، وهو رجلٌ من أهل العلم، والذي قال الشعر اسمه محمد محمود وهو من أهل العلم أيضًا.
وسبب الشعر المذكور أن السالم المذكور لم يجز تزكية محمد محمود المذكور لشهود شهدوا عنده في خصومة من أجل قادح ديني يعتقده فيه، فغضب لذلك، وقال هذه الأبيات:
إلى السالم الفقيه حبر بلاده ... أخي الفضل والإفتاء طبق مداده
تحية من أمسى رهينًا بحبه ... إلى خله قدمًا وأنس فؤاده
فموجبه أني لنصحك قاصد ... وقد يرشد الحبيب أهل وداده
فإن كنتَ صوفيًا كما أنت زاعم ... لسانك أوردْه لنهج رشاده
وإن كنت ذا فقه تريش سهامه ... تغار لدين اللَّه خوف فساده
فلا تَرُمِ الفتيا ولا تك قاضيا ... فذاك لدين اللَّه محض سداده
تعرضت للإنكار دون تأهل ... وكم صيد ذو الإنكار قبل اصطياده
فخضت بلا فلك بحورًا عميقةً ... ورمت بناء الشيء دون عماده
وعزوك للحطاب آخر نقله ... مخافة درك الغير عين مراده
وتركك ما أبدى ابتداء كلامه ... ينبئ عن حيف الفتى وعناده