والتحقيق أن العام الذي لم يدخله تخصيص مقدم على العام الذي دخله تخصيص؛ لأن العام الذي دخله تخصيص إذا كان عامًّا مرادًا به الخصوص فهو مجاز عند القائلين بالمجاز في القرآن قولًا واحدًا، وإن كان عامًا مخصوصًا فهو مجاز عند بعضهم، كما أشار له في "مراقي السعود" بقوله:
والعام الذي لم يدخله تخصيص حقيقةٌ قولًا واحدًا، وما هو حقيقة بالاتفاق أولى بالاعتبار مما قيل فيه: إنه مجاز.
الثالث: أن عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} جيء به في معرض مدح المتقي، والعام الوارد في مدح أو ذم اختلف فيه الأصوليون، هل يكون عامًّا، أم لا؟ وإن كان جل الأصوليين على أنه على عمومه، وأن وروده في معرض المدح أو الذم لا يجعله خاصًا، كما أشار له في "مراقي السعود" بقوله:
وما أتى للمدح أو للذم ... يعم عند جل أهل العلم
وكون العام الذي سيق لمدح أو ذم يجعله ذلك خاصًا، عزاه غير واحد للشافعي؛ لأنه سيق لقصد المبالغة في الحث أو الزجر، ولهذا منع التمسك بقوله:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ}[التوبة/ ٣٤] الآية في وجوب زكاة الحلي.
فالعام الذي لم يرد لمدح ولا ذم مجمع على عمومه، والوارد لمدح أو ذم مختلف فيه، والمجمع عليه أولى من المختلف فيه.