حدَّ القذف، ولا يرجع الاستثناء في الآية عند الإمام أبي حنيفة رحمه اللَّه لقبول الشهادة جريًا على أصله من رجوعه للجملة الأخيرة فقط.
ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} [النساء/ ٨٩ - ٩٠] الآية. فالاستثناء في قوله:{إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} لا يرجع قولًا واحدًا للجملة الأخيرة التي هي أقرب الجمل إليه التي هي قوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩)} إذ لا يجوز اتخاذ وليٍّ ولا نصير من الكفار ولو وصلوا إلى قومِ بينكم وبينهم ميثاق. بل الاستثناء راجع للأخذ والقتل في قوله:{فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ}[النساء/ ٨٩]. والمعنى: فخذوهم واقتلوهم إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق فليس لكم أخذهم بأسر ولا قتلهم؛ لأن الميثاق الكائن لمن وصلوا إليهم يمنع من أسرهم وقتلهم، كما اشترطه هلال بن عويمر الأسلمي في صلحه مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم؛ لأن هذه الآية نزلت فيه، وفي سراقة بن مالك المدلجي، وفي بني جذيمة بن عامر. ولا يرجع الاستثناء لقوله: {وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٨٩)} لأن اتخاذ وليٍّ أو نصير من الكفار ممنوع مطلقًا لا يُستثنى منه شيءٌ.
وإذا كان الاستثناء ربما لم يرجع للجملة التي هي أقرب الجمل منه فلا يكون نصًا في الرجوع لغيرها بالأحرى.
ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (٨٣)} [النساء/ ٨٣] فالاستثناء غير راجع