الموصوفين مقتضٍ لتباين الصفات، ولم ينفوا هذه الصفات ولم يصرفوها عن ظاهرها بالتأويل خوفًا من مشابهة الحوادث المتصفة بها، بل أثبتوها للَّه تعالى قائلين: إنها مخالفة لصفات الحوادث كمخالفة ذاته تعالى لذواتهم.
وكذلك الصفات التي اختلف فيها أهل الكلام، هل هي من الصفات الذاتية، أو من الصفات الفعلية؟ فإنه جاء في القرآن العظيم وصف الخالق والمخلوق بها، فقد وصف جل وعلا نفسه بالرأفة والرحمة فقال: {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)} [النحل/ ٧]، ووصف الحادث بهما فقال في وصف نبينا صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة/ ١٢٨]، ووصف نفسه جل وعلا بالحلم فقال: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (٥٩)} [الحج: ٥٩]، ووصف الحادث به فقال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١)} [الصافات/ ١٠١] {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (١١٤)} [التوبة/ ١١٤].
وأما صفة الفعل فوصفُ الخالق والمخلوق بها في القرآن العظيم واضح، وقد جمع مثالهما قوله تعالى:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال / ١٧].
ولم يبق من الصفات على طريق المتكلمين في تقسيمهم لها إلا الصفة النفسية، وهي عندهم واحدة، وهي: الوجود، وبعضهم يقول: الوجود هي نفس الذات. فلم يعدَّه صفةً. وعلى عدِّهم له صفة نفسية فلا يخفى أن جميع العقلاء من الكفار والمسلمين مقرون بأنه تعالى