موجود، وأن الحوادث موجودة، والنافون لبعض صفاته تعالى معترفون بوجوده، ووجود الحوادث، إلا أن وجوده جل وعلا مخالف لوجود الخلق، ومحاولة الملاحدة القائلين بالوحدة المطلقة نفي وجود الحوادث مكابرةٌ ظاهرةٌ لا يستحق القائل بها أن يجاب. والوجود عند المتكلمين ضد العدم، والعدم عبارة عن لا شيء، والشيء عندهم مرادفٌ للوجود، فالمعدوم ليس بشيء.
فتحصل أن المتكلمين يقسمون الصفات إلى ستة أقسام، وهي: نفسية، وسلبية، ومعنى، ومعنوية، وصفة فعل، وصفة جامعة. وكل واحدٍ من الأقسام الستة يقرون بوصف الخالق والمخلوق به، إلا أن وصف اللَّه مخالفٌ لوصف المخلوق كمخالفة ذاته لذات المخلوق، ومع هذا ينكرون بعض الصفات كالاستواء واليد، ولو قالوا فيها ما قالوا فيما أقروا به من الصفات لأصابوا الصواب، وسلموا من التعطيل والتشبيه، على أن قولهم: إن في صفات اللَّه جل وعلا نفسية، بالغ من الجرأة على اللَّه تعالى ما اللَّه عالم به، ولا يخفى على المطلع على القوانين المنطقية والكلامية.
وإيضاح ذلك أن الصفة النفسية عندهم هي التي لا يمكن تعقُّل الذات بدونها، كالنطق بالنسبة للإنسان؛ لأن الإنسان عندهم لا يمكن تعقُّله ممن لم يعقله بطريق التعريف إلا بالنطق، يقولون: لو عُرِّفَ بأنه جسم لشاركه الحجر، فلو زيد في التعريف كونه حساسًا لشاركه الفرس مثلًا، فلو عُرِّف بأنه منتصب القامة يمشي على اثنين لشاركه الطير، فلو زيد كونه لا ريش له لشاركه منتوف الريش وساقطه من الطير، فلو عرف