النصوص أن الله في داخل السماوات، فهو جاهل ضال، باتفاق العلماء.
فلو قال القائل: العرش في السماء أو في الأرض؟ لقيل: في السماء، ولو قيل: الجنة في السماء، أم في الأرض؟ لقيل: في السماء، ولم يلزم من ذلك أن يكون العرش داخل السماوات، بل ولا الجنة، فإن السماء يراد به العلو، سواء كان فوق الأفلاك أو تحتها، قال تعالى:{فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}[سورة الحج آية: ١٥] ، وقال:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً}[سورة الفرقان آية: ٤٨] . ولما كان قد استقر في نفوس المخاطبين أن الله هو العلي الأعلى، كان المفهوم من قوله: في السماء أنه في العلو، وأنه كان فوق كل شيء؛ وكذا الجارية، لما قال لها:"أين الله؟ قالت: في السماء "١ إنما أرادت العلو، مع عدم تخصيصه بالأجسام المخلوقة وحلوله فيها.
وإذ قيل: العلو، فإنه يتناول ما فوق المخلوقات كلها، فما فوقها كلها هو في السماء، ولا يقتضي هذا أن يكون هناك ظرف وجودي يحيط بها، إذ ليس فوق العالم إلا الله، كما لو قيل: العرش في السماء، كان المراد أنه عليها، كما قال تعالى:{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}[سورة آل عمران آية: ١٣٧] ، وكما قال:{فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ}[سورة التوبة آية: ٢] ، وقال عن فرعون:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[سورة طه آية: ٧١] .
١ مسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٧) , والنسائي: السهو (١٢١٨) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٨٢) .