[فصل: [ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل المداهنة]]
وترك ذلك على سبيل المداهنة، والمعاشرة، وحسن السلوك، ونحو ذلك مما يفعله بعض الجاهلين، أعظم ضرراً، وأكبر إثماً من تركه لمجرد الجهالة. فإن هذا الصنف، رأوا أن السلوك وحسن الخلق، ونيل المعيشة لا يحصل إلا بذلك، فخالفوا الرسل وأتباعهم، وخرجوا عن سبيلهم ومنهاجهم، لأنهم يرون العقل إرضاء الناس على طبقاتهم، ويسالمونهم، ويستجلبون مودتهم ومحبتهم؛ وهذا مع أنه لا سبيل إليه، فهو إيثار للحظوظ النفسانية والدعة، ومسالمة الناس وترك المعاداة في الله وتحمل الأذى في ذاته.
وهذا في الحقيقة هو الهلكة في الآجلة، فما ذاق طعم الإيمان، من لم يوال في الله ويعاد فيه، فالعقل كل العقل، ما أوصل إلى رضى الله ورسوله، وهذا إنما يحصل بمراغمة أعداء الله، وإيثار مرضاته، والغضب إذا انتهكت محارمه. والغضب ينشأ من حياة القلب، وغيرته وتعظيمه، وإذا عدم الحياة والغيرة والتعظيم، وعدم الغضب والاشمئزاز، وسوى بين الخبيث والطيب في معاملته وموالاته ومعاداته، فأي خير يبقى في قلب هذا؟