للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن سورة الذاريات

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: وأما ما ذكرت من كلام ابن العربي المالكي في معنى قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات آية: ٥٦] : تأملته فوجدته قد اعتمد وعول في معنى هذه الآية على كلام القدرية المجبرة، وغلط في زعمه أن معناه لبعض أهل السنة.

وابن العربي إن لم يكن موافقا لهم في أصل الجبر والقول به، فقد يدخل عليهم كلامهم وكلام نظائرهم، ولا ينكره، بل يأخذ به ويقرره، إما جهلا منه بأنه مخالف لقول أهل السنة، أو تقليدا لمن يحسن به الظن، أو لأسباب أخر; وليس هذا خاصا به؛ بل قد وقع فيه كثير من أتباع الأئمة، المنتسبين إلى السنة; فإن قوله في تفسير قوله تعالى: {إِلاّ لِيَعْبُدُونِ} أي: إلا لتجري أفعالهم على مقتضى حكم المولى، وإنما يخرج فعل العبد عن حكم المولى إذا كان مغلوبا؛ والغالب لا يخرج شيء عن فعله، وهو الله وحده. انتهى.

وهذا الكلام بعينه هو كلام القدرية المجبرة فيما حكاه عنهم غير واحد، وهذا التعليل هو تعليلهم بعينه.

وهذا القول يقتضي أنه سبحانه خلق الشاكر ليشكر، والفاجر ليفجر، والكافر ليكفر، فما خرج أحد عما خلق له على هذا القول، لأن القدر جاء بذلك كله.

<<  <  ج: ص:  >  >>