وسئل بعضهم: عن قول عائشة رضي الله عنها، في هذه الآية:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}[سورة الإسراء آية: ١١٠] :"نزلت في الدعاء".
ما معنى تنْزيل لفظ الآية على دعاء الله، مع أن إخفاء الدعاء أفضل؟ والذي نفهم في معنى الآية كلام ابن عباس:"أنها نزلت في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة بأصحابه، فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، وسبوا من أنزله ... الحديث".
فأجاب: كلام ابن عباس رضي الله عنهما، هو الذي عليه جمهور العلماء، أن النّزول كان بسبب جهر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءته في صلاته، فنهاه الله بهذه الآية عن الجهر بالقراءة في صلاته، لئلا يسمعه كفار قريش، فيسبون القرآن ومن أنزله، ومن جاء به، ولا يخافت به مخافتة لا يسمع بها نفسه، بل يكون بين ذلك بحيث يسمع نفسه، هكذا قال ابن عباس، وموافقوه من العلماء.
وقالت عائشة، رضي الله عنها إنها نزلت في الدعاء، الذي هو الصلاة اللغوية لا الشرعية، وهذا الدعاء داخل في الشرعية، ولكن لم تنزل هذه الآية إلا بسبب الدعاء، فلا يجهر به جهرا مسمعا خارجا عن العادة، ولا يخافت به مخافتة لا يسمعه نفسه; بل يكون بين ذلك; وكلا المعنيين حق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع بالقراءة، حتى نهاه الله عن السماع الجهري.