وقال رحمه الله:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}[سورة النحل آية: ١٢٠] لئلا يستوحش سالك الطريق من قلة السالكين، {قَانِتًا لِلَّهِ} لا للملوك ولا للتجار المترفين، {حنيفا} لا يميل يمينا ولا شمالا، كفعل العلماء المفتونين {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [سورة النحل آية: ١٢٠] خلافا لمن كثر سوادهم، وزعم أنه من المسلمين.
{شَاكِراً لأَنْعُمِهِ} [سورة النحل آية: ١٢١] ليس كمن نسي النعم، ونسبها إلى نفسه، فصار من المتكبرين {ِ اجْتَبَاهُ}[سورة النحل آية: ١٢١] ليعلم أنه المتفرد بالفضل والتمكين {وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[سورة النحل آية: ١٢١] لتعرف الاستقامة من الاعوجاج عن الحق المبين {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}[سورة النحل آية: ١٢٢] ليعلم أن الدنيا مع الآخرة في اتباع الدين {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[سورة النحل آية: ١٢٢] ترغيبا في زمرة الصالحين.
ثم ختم هذا الثناء العظيم بالأمر الكبير والعصمة والقاعدة الكلية; فقال:{ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[سورة النحل آية: ١٢٣] تبيينا للناجين من الهالكين، وفرقانا بين المحققين والمبطلين، وبين الموحدين من المشركين.