فهو الذي على الحق، وكذلك إقرارهم بالشرك، وقولهم ليس عندنا قبة نعبدها، بل جهادهم: الجهاد المعروف، مع أهل القباب، وأن من فارقهم، حل ماله ودمه.
فإذا عرف الإنسان هذه المسألة الثالثة كما ينبغي، وعرف أنه اجتمع في قلبه ولو يوما واحدا، أن قلبه قبل كلامهم أن التوحيد دين الله ورسوله، ولكن لا بد من بغضه وعداوته، وأن ما عليه أهل القباب هو الشرك، ولكنهم هم السواد الأعظم، وهم على الحق، ولا يقول: إنهم يفعلون، فاجتماع هذه الأضداد في القلب، مع أنها أبلغ من الجنون، فهي من أعظم قدرة الله تعالى، وهي من أعظم ما يعرفك بالله، وبنفسك، فمن عرف نفسه، وعرف ربه، تم أمره، فكيف إذا علمت أن هذين الضدين اجتمعا في قلب صالح وحيوان وأمثالهما أكثر من عشرين سنة؟.
الرابعة: أنك تعلم أن الله أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، [الزمر:٦٥] . مع أنهم راودوه، على قول كلمة، أو فعل مرة واحدة، ووعدوه أن ذلك يقودهم إلى الإسلام، فقد ترى؛ بل إذا عرفت: أن أعظم أهل الإخلاص وأكثرهم حسنات، لو يقول كلمة الشرك، مع كراهيته لها، ليقود غيره بها إلى الإسلام، حبط عمله، وصار من الخاسرين.