وتفهم أيضاً: معنى قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}[سورة النساء آية: ٥٩] . فإذا كان الله سبحانه قد أوجب علينا أن نرد ما تنازعنا فيه إلى الله، أي: إلى كتاب الله، وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم أي: إلى سنته، علمنا قطعا: أن من رد إلى الكتاب والسنة ما تنازع الناس فيه، وجد فيهما ما يفصل النّزاع.
وقال أيضاً: إذا اختلف كلام أحمد، وكلام الأصحاب، فنقول في محل النزاع: التراد إلى الله وإلى رسوله، لا إلى كلام أحمد، ولا إلى كلام الأصحاب، ولا إلى الراجح من ذلك؛ بل قد يكون الراجح والمرجح من الروايتين والقولين خطأ قطعاً، وقد يكون صواباً؛ وقولك: إذا استدل كل منهما بدليل، فالأدلة الصحيحة لا تتناقض، بل الصواب يصدق بعضه بعضاً، لكن قد يكون أحدهما أخطأ في الدليل: إما يستدل بحديث لم يصح، وإما فهم من كلمة صحيحة مفهوماً مخطئاً؛ وبالجملة: فمتى رأيت الاختلاف، فرده إلى الله والرسول؛ فإذا تبين لك الحق فاتبعه، فإن لم يتبين لك، واحتجت إلى العمل، فخذ بقول من تثق بعلمه ودينه.
وأما قول من قال: لا إنكار في مسائل الاجتهاد، فجوابها يعلم من القاعدة المتقدمة؛ فإن أراد القائل مسائل الخلاف، فهذا باطل يخالف إجماع الأمة؛ فما زال الصحابة