قال الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى: من كان متبعاً لإمام فخالفه في بعض المسائل، لقوة الدليل، أو لكون أحدهما أعلم أو أتقى، فقد أحسن; وقال في موضع آخر: بل يجب عليه، وإن أحمد نص على ذلك. انتهى.
وعلى كل حال، فلا ينبغي التسرع والجسرة بقول: هذا حلال، هذا حرام، هذا واجب؛ قال الله تعالى:{وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}[سورة النحل آية: ١١٦] ؛ فمن عرف أحوال السلف، وهيبتهم الإفتاء، مع علمهم وفضلهم، أفاده ذلك اتهام فهمه، وعدم التسرع إلى الفتوى، لأنه يخبر عن الله تعالى، والمقلد: إنما يحكي عن غيره، فالأولى إذا دعت الضرورة إلى فتواه، أن يقول: ذكر أصحاب المذهب الفلاني، أو ذكر في الكتاب الفلاني: كذا، وكذا.
وأما قول القائل: قد اختار هذه الكتب وما حوته، من هو أعلم منا، فيقال: حق، هم أعلم منا، لكن لا يلزم من ذلك تقليدهم في كل ما وضعوه; فإذا قال كل أهل مذهب هذه المقالة، في كتب من تقدمهم، فالمصيب عند الله واحد، فمن هو الذي يجب اتباعه؟! فإذا اختلفت المذاهب في حكم مسألة، فالمصيب منهم واحد، والمجتهد المخطئ إذا كان أهلاً مأجور على اجتهاده، ولا يجوز له تقليده إذا بان له خطؤه، مع كونه أعلم ممن بعده، والله