ويقال أيضاً لمن قال: وضع هذه الكتب من هو أعلم منا، إذا كان ممن ينتسب إلى الحنابلة، فوضع كتب الشافعية، والمالكيه، والحنفية من هو أعلم منك، فما الذي أوجب اتباع بعضها دون بعض؟! فلو قال صاحب هذه المقالة: أنا أعلم أن التقليد ليس بعلم، وأن الواجب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن قصور أفهامنا وضعف إدراكنا أوجب لنا التقليد، وألجأت الضرورة إليه؛ فلو تبين لي في بعض ما قلدت فيه أنه مخالف للسنة، اتبعت السنة; وهذا هو الواجب علي، لكني قليل التمييز، لقصور فهمي، وأعتقد أن الواجب اتباع السنة، ولا عذر لأحد في مخالفتها إذا ثبتت عنده.
وقائل ذلك يرجى له السلامة; وهذا كله في غير أصول الدين، فأما أصول الدين، من التوحيد، ومعرفة الرسالة، وسائر الأصول، فلا يجوز فيها التقليد عند جميع العلماء; فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم، رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم; والله أعلم، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم.