ثم قال ابن حزم: قال ابن معين: عبد الرحيم بن زيد كذاب خبيث، ليس بشيء، وقال البخاري هو متروك؛ ورواه أيضاً: حمزة الجزري، وحمزة هذا ساقط هالك متروك؛ قال أبو محمد: بل هو مما يقطع على أنه كذب موضوع، لأن الصحابة، رضي الله عنهم، اختلفوا، فحرم واحد منهم، وحلل آخر منهم ذلك الشيء الذي حرمه صاحبه، وأوجب بعضهم، وأبطل غيره منهم ما أوجب صاحبه.
فلو كان هذا الخبر صحيحاً، لكانت أحكام الله تعالى متضادة في الدين، مختلفة، حراماً وحلالاً، معاذ الله تعالى، فقد كذب بقوله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}[سورة النساء آية: ٨٢] ، فصح أن الاختلاف ليس إلا من عند غير الله.
وأيضاً، فإنه لا يقدر أحد على اعتقاد تصحيح المتضادات معاً، ولا على القول والعمل بالمختلفات معاً; ونوه بعض فساقهم هاهنا فقال: وجدنا المرأة حلالاً لبعلها حراماً على غيره، وحراماً على بعلها حلالاً لغيره، فما ينكر؛ مثل هذا فتيا فقيه لعمرو، وفتيا فقيه آخر لزيد بمثلها، فقلنا: ينكر ذلك في حكم الله الذي: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[سورة الأنبياء آية: ٢٣] ، وإنما أنكر أشد النكير من حكم من دونه برأيه بغير نص.