تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم والوقوف مع سنته، ولم يلتفتوا إلى خلاف أحد؛ بل أنكروا على من خالف السنة، كائناً من كان، كما أنكروا على من منع التمتع بالعمرة، وعلى من أتم في السفر، وعلى من أباح وطء المرتدة بملك اليمين، وعلى من حرق الغالية، مع أن القائلين بهذه الأقوال هم أفضل الأمة وخيرها، ولا يدانيهم من بعدهم في علم ولا غيره.
وهذه العبارة فاسدة من جهة قوله: كل مجتهد مصيب؛ وقد رد هذا غير واحد من المحققين، وفي كتب الأصول من بيان فساده ما لا يخفى على طالب العلم؛ وقد أشار ابن تيمية إلى ذلك في بعض كتبه، فإن أراد قائل هذا، رفع الإثم والحرج عمن اجتهد، وأن هذا معنى الإصابة، فهذا له وجه، لكن ليس الكلام في كون المجتهد مصيباً للحكم الشرعي، أو مخطئاً له، فقول النووي: هذا هو المختار عند المحققين أو أكثرهم، خلاف التحقيق؛ بل المحققون على خلاف ما قال.
ومن هذا الباب، نقل هذا المفتي عن صاحب كتاب الحجة على تارك المحجة، ونقله عن البيهقي، والحسن الحلبي، والقاضي حسين، وإمام الحرمين، فهؤلاء ليسوا بحجة، وليسوا من أصحاب الوجوه في مذاهبهم؛ فسرد هذا العدد لا يجدي شيئاً، وكون هؤلاء ذكروا أن اختلاف الأمة رحمة، لا يفيد صحته، وقد تقدم ذكر الحديث، ومجرد روايته ليس بحجة، والحجة في تصحيحه، وهؤلاء ليسوا من