وإن كانت فاسدة، كالنكاح بغير ولي، ونحو ذلك، فالغالب أن الفقهاء يعبرون عن مثل هذا بالفاسد، لكون التعبير جارياً على القوانين، والذي يعبر منهم بالفاسد يقال باطل؛ فتدبر، والله أعلم.
وسئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله تعالى: ما الفرق بين الباطل والفاسد عند الأصوليين ... إلخ؟
فأجاب: هما مترادفان عند الأصوليين، والفقهاء من الحنابلة والشافعية. وقال أبو حنيفة: إنهما متباينان؛ فالباطل عنده: ما لم يشرع بالكلية، كبيع المضامين والملاقيح، والفاسد: ما شرع أصله ولكن امتنع لاشتماله على وصف محرم كالربا. وعند الجمهور: كل ما كان منهياً عنه، إما لعينه أو وصفه، ففاسد وباطل؛ لكن ذهب بعض الفقهاء من الحنابلة إلى التفرقة بين ما أجمع على بطلانه، وما لم يجمع عليه، فعبروا عن الأول بالباطل، وعن الثاني بالفاسد، ليتميز هذا من هذا، لكون الثاني تترتب عليه أحكام الصحيح غالباً، أو أنهم قصدوا الخروج من الخلاف في نفس التعبير، لأن من عادة الفقهاء من أهل المذاهب مراعاة الخروج من الخلاف؛ وبعضهم يعبر بالباطل عن المختلف فيه، مراعياً للأصل، ولعل من فرق بينهما في التعبير، لا يمنع من تسمية المختلف فيه باطلاً، فلا اختلاف، ومثل ذلك: خلافهم في الفرض والواجب.