الجمهور إذا لم تبلغ خمسة عشر يوماً، وقد وطئها في حال جريان الدم جاهلاً، فيكون معذوراً ولا إثم عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم " عفي لأمتي الخطأ والنسيان ". وأما الكفارة: ففيها خلاف هل تجب على العامد دون المخطئ والناسي، أم تجب على الجميع؟ والذي عليه الجمهور: أنه لا كفارة على الجميع، بل من تعمد ذلك أثم وليس عليه إلا التوبة.
وعن أحمد في ذلك روايتان: إحداهما: كقول الجمهور، والثانية: عليه الكفارة إذا تعمد، لحديث ابن عباس المرفوع أنه " يتصدق بدينار، أو نصف دينار " ١، والحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي، لكن مداره على عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وقد قيل لأحمد: في نفسك منه شيء؟ قال: نعم، لأنه من حديث فلان، أظنه قال: عبد الحميد، وقال لو صح ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كنا نرى عليه الكفارة، وقال في موضع: ليس به بأس قد روى الناس عنه؛ فاختلاف الرواية في الكفارة مبني على اختلاف قول أحمد في الحديث، وهذه الروايتان عن أحمد في العامد، وأما الجاهل والناسي، فعلى وجهين للأصحاب: أحدهما: تجب، وهي المذهب لعموم الخبر. والثاني: لا تجب لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " عفي لأمتي الخطأ والنسيان "؛ فعلى هذا، لو وطئ طاهراً فحاضت في أثناء وطئه فلا كفارة عليه، وعلى الأول عليه الكفارة.