للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفجر قبل طلوع الشمس، لا يترك ذلك لصناعة، ولا لصيد ولا لهو، ولا لزراعة، ولا لجنابة ولا نجاسة، ولا غير ذلك؛ والنبي صلى الله عليه وسلم أخر صلاة العصر يوم الخندق، لاشتغاله بجهاد الكفار، ثم صلاها بعد المغرب، فأنزل الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [سورة البقرة آية: ٢٣٨] ، أي: صلاة العصر؛ ولهذا قال جمهور العلماء: إن ذلك التأخير منسوخ لهذه الآية، فلم يجز تأخير الصلاة حال القتال، بل أوجب عليه الصلاة في الوقت حال القتال؛ هذا مذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه. وعن أحمد رواية أخرى: يخير حال القتال بين الصلاة وبين التأخير، ومذهب أبي حنيفة: يشتغل بالقتال ويصلي بعد الوقت.

وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد، لصناعة أو زراعة أو عمل أو صيد، فلا يجوز ذلك عند أحد من العلماء، بل قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [سورة الماعون آية: ٤-٥] ، قال طائفة من السلف: هم الذين يؤخرونها عن وقتها، وقال بعضهم: هم الذين لا يؤدونها على الوجه المأمور به، وإن صلوها في الوقت. فتأخيرها عن الوقت حرام باتفاق العلماء، والعلماء متفقون على أن تأخير صلاة الليل إلى النهار، وصلاة النهار إلى الليل، بمنْزلة تأخير شهر رمضان إلى شوال؛ وإنما يعذر بالتأخير النائم والناسي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها؛ لا كفارة لها إلا ذلك " ١.


١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٩٧) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٦٨٤) , والترمذي: الصلاة (١٧٨) , والنسائي: المواقيت (٦١٣, ٦١٤) , وأبو داود: الصلاة (٤٤٢) , وابن ماجة: الصلاة (٦٩٥, ٦٩٦) , وأحمد (٣/١٠٠, ٣/٢٦٩, ٣/٢٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>