هذه الأحاديث: على أن ترك الصلاة كفر مستقل، من غير اقترانه بجحد الوجوب؛ وذلك لأن جحد الوجوب لا يختص بالصلاة وحدها، فإن من جحد شيئاً من فرائض الإسلام فهو كافر بالإجماع.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: اختلف العلماء، رحمهم الله، في تارك الصلاة كسلاً من غير جحود: فذهب أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، ومالك، إلى أنه لا يحكم بكفره; واحتجوا بما رواه عبادة. وذهب إمامنا أحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك والنخعي، والحكم وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي، وغيرهم من كبار الأئمة والتابعين، إلى أنه كافر، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعاً، وذكره في كتاب الزواجر عن جمهور الصحابة والتابعين. وقال الإمام محمد بن حزم: سائر الصحابة والتابعين ومن بعدهم يكفِّرون تارك الصلاة مطلقاً، ويحكمون عليه بالارتداد، وذكر الأحاديث - ثم قال - وعن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال ترْكه كفر غير الصلاة.
فهذه الأحاديث كما ترى صحيحة في كفر تارك الصلاة، مع ما تقدم من إجماع الصحابة، كما حكاه إسحاق وابن حزم وعبد الله بن شقيق، وهو مذهب الجمهور من التابعين ومن بعدهم؛ ثم إن العلماء كلهم مجمعون على قتل تارك الصلاة