رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما يلبس الحرير من لا خلاق له " ١.
قال في شرح المنتقى: ولا متمسك للقائلين بحل المشوب إذا كان الحرير مغلوباً، إلا قول ابن عباس فيما أعلم; فانظر أيها المنصف، هل يصلح كونه جسراً تذاد عنه الأحاديث الواردة في تحريم مطلق الحرير ومقيده؟ وهل ينبغي التعويل عليه في مثل هذا الأصل العظيم، مع أن في إسناده ما يوجب سقوط الاستدلال به، على فرض تجرده عن المعارضات. انتهى.
قلت: والمعارضات لحديث ابن عباس، رضي الله عنهما، هذا كثيرة، صحيحة من رواية الأكابر من الصحابة، رضي الله عنهم، من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين شاهدوا أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدوا معه المشاهد كلها. ومن المعلوم: أن ابن عباس، رضي الله عنهما، من صغار الصحابة، وقدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع مع ضعفه أهله لصغر سنه، وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم قليلة، وأكثر رواياته الأحاديث عن الصحابة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وكان رضي الله عنه إذا اختلف هو وغيره في مسألة سألوا عنها أكابر الصحابة، وكان هو وغيره يحيلون المستفتي على عائشة وغيرها، مع ما أعطاه الله من الفهم العظيم وحفظ ما رواه. وسيأتي بقية الجواب عن حديثه هذا، الذي تقدمت الإشارة إليه في كلام شارح المنتقى، بعون الله تعالى.
١ البخاري: الأدب (٦٠٨١) , ومسلم: اللباس والزينة (٢٠٦٨) , وابن ماجة: اللباس (٣٥٩١) , وأحمد (٢/٢٠) , ومالك: الجامع (١٧٠٥) .