وكشفوا قناعها، وحققوا الحقائق، وأنشأوا المدارس وعمروها بالتعليم، وجاهدوا في الله كل طاغ أثيم، وصنفوا الكتب فأجادوا، وكشفوا الشبهات فأبادوا، وأجابوا السائل فأفادوا، فكشفوا عن الدين ما عراه، وأبدوا وأعادوا. فحق لقوم هذا شأنهم، أن يعتنى برسائلهم، وفتاويهم، وردودهم، وتجمع وتدون لكيلا تذهب، وترتب وتعنون لكيلا تصعب.
وقد اجتهد علماؤنا في جمعها، وحفظها; وحرصوا وحضوا على نشرها، وجمع شواردها. وكان أكثر من جمع، ما وجده شيخنا الفاضل: الشيخ محمد بن الشيخ عبد اللطيف، والشيخ: سليمان بن سحمان، والشيخ: عبد الله بن عبد العزيز العنقري، وغيرهم; إلا أنها غير مرتبة، فصار الطالب للمسألة لا يجدها إلا بعد تعب وعناء، ولا خفاء بما في ذلك من المشقة والنصب، وربما لا يجدها.
فأمرني من تجب طاعته علي أن أجمعها، وأرتبها حسب الطاقة، مع أني لست من أهل تلك البضاعة; فتمادت بي الأيام، أقدم رجلا وأؤخر أخرى، لكثرة الأشغال، ومعالجة المعاش والضيعة، وعدم الأهلية، إلى أن قويت العزيمة، وخلصت النية، وظهرت، ويسر الله الأمر وسهله، ووفق إليه، فحينئذ أمعنت النظر، وأنعمت الفكر، وجمعت ما أدركته. وأعانني عليه شيخنا الفاضل، الحبر الثقة، الشيخ: محمد بن الشيخ إبراهيم، وحرره وهذبه، أعدته وأبديته عليه