للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا تأمل العبد هذا، وعلم أنها نصفان: نصف لله، وهو أولها إلى قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ، ونصف للعبد، دعاء يدعو به لنفسه. وتأمل أن الذي علمه هذا هو الله تعالى، وأمره أن يدعو به، ويكرره في كل ركعة، وأنه سبحانه من فضله وكرمه: ضمن إجابة هذا الدعاء إذا دعاه بإخلاص وحضور قلب، تبين له ما أضاع أكثر الناس.

قد هيئوك لأمر لو فطنتَ له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ

وها أنا أذكر لك بعض معاني هذه السورة العظيمة، لعلك تصلي بحضور قلب، ويعلم قلبك ما نطق به لسانك، لأن ما نطق به اللسان ولم يعقد عليه القلب ليس بعمل صالح، كما قال تعالى {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [سورة الفتح آية: ١١] . وأبدأ بمعنى الاستعاذة، ثم البسملة، على طريق الاختصار والإيجاز.

فمعنى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ألوذ واعتصم بالله، وأستجير بجنابه من شر هذا العدو، أن يضرني في ديني، أو دنياي، أو يصدني عن فعل ما أُمرت به، أو يحثني على ما نُهيت عنه، لأنه أحرص ما يكون على العبد إذا أراد عمل الخير، من صلاة، أو قراءة، أو غير ذلك؛ وذلك أنه لا حيلة لك في دفعه إلا بالاستعاذة بالله، لقوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ} [سورة الأعراف آية: ٢٧] ، فإذا طلبت من الله أن يعيذك منه، واعتصمت به، كان هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>