المدح والثناء على المحمود بذكر محاسنه، سواء كان إحساناً إلى الحامد أو لم يكن، والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور؛ فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر، لأنه يكون على المحاسن، والإحسان؛ فإن الله يحمد على ما له من الأسماء الحسنى، وما خلقه في الآخرة والأولى، ولهذا قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} الآية [سورة الإسراء آية: ١١١] ، قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}[سورة الأنعام آية: ١] إلى غير ذلك من الآيات. وأما الشكر، فإنه لا يكون إلا على الإنعام، فهو أخص من الحمد من هذا الوجه، لكنه يكون بالقلب واليد واللسان، ولهذا قال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً}[سورة سبأ آية: ١٣] ، والحمد إنما يكون بالقلب واللسان؛ فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد أعم من جهة أسبابه.
والألف واللام في قوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} للاستغراق، أي: جميع أنواع الحمد لله لا لغيره؛ فأما الذي لا صنع للخلق فيه، مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر، والسماء والأرض، والأرزاق، وغير ذلك، فواضح، وأما ما يحمد عليه المخلوق، مثل ما يثنى على الصالحين، والأنبياء، والمرسلين، وعلى من فعل معروفاً، خصوصاً إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضاً، بمعنى: أنه خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به، وحببه إليه، وقواه عليه، فصار الحمد كله لله بهذا الاعتبار.