فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمداً وهو أوفى الخلق بالذممِ
إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدمِ
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعي أنه من العلماء، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن، هل يجتمع في قلب عبد: التصديق بهذه الأبيات، والتصديق بقوله:{يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[سورة الانفطار آية: ١٩] ، وقوله:"يا فاطمة بنت محمد، لا أغني عنك من الله شيئاً " ١؟ لا والله! لا والله! لا والله! إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق، وأن فرعون صادق، وأن محمداً صادق على الحق، وأن أبا جهل صادق على الحق.
فلا والله ما استويا ولن يتلاقيا ... حتى تشيب مفارق الغربانِ
فمن عرف هذه المسألة، وعرف البردة ومن فتن بها، عرف غربة الإسلام، وعرف أن العداوة، واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا، ليس عند التكفير والقتال؛ بل هم الذين بدؤونا بالتكفير والقتال، بل عند قوله:{فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[سورة الجن آية: ١٨] ، وعند قوله:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ}[سورة الإسراء آية: ٥٧] ، وقوله:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}[سورة الرعد آية: ١٤] .