النصوص الواردة في الجهر بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة، وسمى هذه المتروكة تشويشاً على الناس، وجعلها من البدع والمحدثات، فيقال لهذا الجاهل: ليس ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم مما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجهر بالذكر بعد المكتوبة تشويشاً على الناس؛ بل هذا القول هو التشويش على الناس والتلبيس عليهم، بل هو من أبطل الباطل وأعظم المنكرات، لأن ذلك دفع في نحر النصوص، ورد لها بالتمويه والسفسطة، والقول بلا علم، وقلب للحقائق؛ فإن هذا القول لا يقوله من في قلبه تعظيم للنصوص وتوقير لها.
وهذه السنة الواردة في الجهر بالذكر عقب الفرائض، قد انقسم الناس فيها في هذه الأزمان على ثلاثة أصناف: طرفان، ووسط:
الأول: يلزمون الناس بها، ويغلظون في ذلك، ويعادون ويوالون على ذلك؛ ومن تركها فليس عندهم من أهل السنة.
والثاني: من لا يرى سنيتها، وبعضهم يقول: إنها من البدع، ويرون أن الفاعل لها مشوش على الناس، وبعضهم يدخل هذا الجهر في مسمى الرياء.
والثالث: - وهم الوسط -، فهم يقولون: ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وتقريره؛ فكان الصحابة يفعلون ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تعليمهم إياه، ويقرهم على ذلك، فعلموه بتعليم الرسول إياهم، وعملوا به، وأقرهم على ذلك العمل بعد العلم به، ولم ينكره عليهم. ثم ترك العمل به كما ترك