للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائق، والنفس حرون بين ذلك جموح، خداعة رواغة، فاحذرها وراعها بسياسة العلم، وسقها بتهديد الخوف، يتم لك ما تريد. وقال أبو الوزير، رحمه الله: عملت في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت شيئاً عليّ أشدّ من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيت. وقال الجنيد: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى آثار الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة.

وأجاب أيضاً: أما كيفية طلب العلم، ففي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " بعث معاذاً إلى اليمن، فقال: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه ... " ١ الحديث، فيه بيان الكيفية، والبداءة بالأهم فالأهم من واجبات الإيمان، وأركان الإسلام، وينتقل درجة درجة من الأعلى إلى ما دونه. ثم بعد ذلك يتعلم ما يجب من الحقوق في الإسلام، بخلاف ما يفعله بعض الطلبة من الاشتغال بالفروع والذيول؛ وفي كلام شيخ الإسلام، رحمه الله تعالى: من ضيع الأصول حرم الوصول، ومن ترك الدليل ضل السبيل.

وأما السبب في تحصيله، فلا أعلم سبباً أعظم وأنفع وأقرب في تحصيل المقصود من التقوى، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً}


١ البخاري: التوحيد (٧٣٧٢) , ومسلم: الإيمان (١٩) , والترمذي: الزكاة (٦٢٥) , وأبو داود: الزكاة (١٥٨٤) , وابن ماجة: الزكاة (١٧٨٣) , وأحمد (١/٢٣٣) , والدارمي: الزكاة (١٦١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>