وعطل لسانه من الذكر، وسله في الخوض في أحوال الناس، وما يجري بينهم وتعرف دنياهم، فهذا من العلم النافع بعيد، ولا يفيد ولا يستفيد، من حكمة الرب سبحانه أن مثل هذا لا يوفق. وأدلة هذه الأمور في كتاب الله وسنة رسوله وكلام سلف الأمة وأئمتها كثيرة معروفة، ومن تأمل أحوال العالم وجد ما يشهد لذلك؛ فتجد من يشب ويشيب وهو يقرأ ولم يحصل شيئاً، لمانع قام به وحائل من نفسه، لا من ربه، {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[سورة الكهف آية: ٤٩] ، {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ}[سورة القمر آية: ٥] .
وقال أيضاً: وأوصيك بالحرص على تعلم العلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ثم اعلم أن ذلك لن ينال إلا على جسر من التعب والمشقة، تحت ظلم الليل، وذلك بشيئين: شيء في أوله، وشيء في آخره. فالذي في أوله: إدامة المطالعة، والحفظ لذلك على المصباح، والذي في آخره: الوقوف في مواقف الابتهال، والانطراح بين يدي ذي العزة والجلال، والتضرع بالأسحار، وتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر؛ فهذا عنوان السعادة، وسمة أهل الولاية والزهادة. اللهم ألحقنا بآثار الصالحين.
وقال الشيخ سليمان بن سحمان:
تعلم ففي العلم الشريف فوائد ... يحن لها القلب السليم الموفقُ