ويوافق هذا القول أيضاً عمل أئمة المسلمين، كما حكى ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، في بعض كتبه بالاتفاق; ويوافق هذا القول أيضاً عمومات أحاديث قد احتج بها الفقهاء، وفهموا منها صحة ركعة المأموم، إذا ركع مع إمامه قبل أن يرفع صلبه، كحديث أبي هريرة المرفوع، الذي صححه الأئمة، وفيه:" ومن أدرك ركعة مع الإمام، فقد أدرك الصلاة "; وفي الحديث الآخر: " من أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة ".
فإذا علمت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، ومن بعدهم من أئمة المسلمين، قد رأوا من لم يدرك مع الإمام إلا الركوع فسكتوا عنه، فلم يأمروه بإعادة ركعته، مع أن هذه المسألة من أشهر مسائل الدين، ووقوعها يتكرر بين أظهر المسلمين، فكيف لا يسع هذا القائل ما وسع من قبله؟! سبحان الله ما أعظم شأنه!
وأما قوله:" لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها " ١، فالمراد بذلك الإمام، والمنفرد، والمأموم أيضاً إذا أمكنه؛ هذا هو الراجح من قولي العلماء، لأن في هذا القول جمعاً بين الأخبار؛ والجمع مطلوب إذا أمكن عند العلماء، كما نبه على ذلك المجد، رحمه الله، في المنتقى.
فيقال: حديث عبادة، وما كان في معناه، مع وجود التمكن من قراءة الفاتحة، وحديث أبي بكرة، وما كان في
١ البخاري: الأذان (٧٥٦) , ومسلم: الصلاة (٣٩٤) , والترمذي: الصلاة (٣١١) , والنسائي: الافتتاح (٩١٠, ٩١١, ٩٢٠) , وأبو داود: الصلاة (٨٢٢, ٨٢٣, ٨٢٤) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٣٧) , وأحمد (٥/٣١٣, ٥/٣١٤, ٥/٣١٦, ٥/٣٢١, ٥/٣٢٢) , والدارمي: الصلاة (١٢٤٢) .