للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاختلفوا فيه، فهدانا الله له " ١ الحديث.

فمرسل ابن سيرين مع هذا الحديث، يدل على أن أولئك الصحابة فعلوه بالاجتهاد، واختاروا يوم الجمعة، ولا يمنع ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي وهو بمكة، ولم يتمكن من إقامتها إن سلم أنها فرضت بمكة؛ فعلى هذا فقد حصلت الهداية بجهتي التوفيق والبيان، على أحد ما قيل في معنى قوله: " فهدانا الله له ".

قالوا: قد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه: " إذا اجتمع الأربعون رجلاً فعليهم الجمعة " ٢، قلنا: هذا الحديث باطل لا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة أصلاً، لأنا نقول بموجبه. قالوا: قال أبو أمامة رضي الله عنه: " لا جمعة إلا بأربعين قلنا: دعوى التشبث بالواهيات والأباطيل، فلا يعرف ذلك عن أبي أمامة أصلاً، بل قد جاء عنه خلافه، كما تقدم من رواية الدارقطني؛ فإن كان هذا الحديث المنكر الذي لا يعرف أصلاً حجة، فلتكن الحجة بحديثه المنكر الساقط: " على الخمسين جمعة، ليس فيما دون ذلك " ٣، كما تقدم من رواية الدارقطني.

قالوا: التقدير بالثلاثة والأربعة والاثنين تحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه، لأن التقدير بابه التوقيف، قال لهم كل من قال بذلك: اشتراطكم الأربعين العقلاء الحاضرين الذكور الأحرار، هو التحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه، وهو إسقاطكم الجمعة عما دون الأربعين، بعد أن أوجبها الله


١ البخاري: الجمعة (٨٧٦) , ومسلم: الجمعة (٨٥٥) , والنسائي: الجمعة (١٣٦٧) , وأحمد (٢/٢٤٩, ٢/٢٧٤, ٢/٣١٢, ٢/٣٤١, ٢/٥٠٢) .
٢ سنن النسائي: كتاب صلاة العيدين (١٥٩٠) , وسنن أبي داود: كتاب الأطعمة (٣٧٥٦) , ومسند أحمد (٢/١٢١, ٣/٣٤, ٣/٣٦, ٣/٥١, ٣/٨٤, ٥/٤٠٨) , وسنن الدارمي: كتاب الصلاة (١١٨٤, ١٢٥٤) وكتاب الفرائض (٣٠٨٧) .
٣ البخاري: الزكاة (١٤٠٥, ١٤٤٧, ١٤٥٩, ١٤٨٤) , ومسلم: الزكاة (٩٧٩) , والترمذي: الزكاة (٦٢٦) , والنسائي: الزكاة (٢٤٤٥, ٢٤٤٦, ٢٤٧٣, ٢٤٧٤, ٢٤٧٥ , ٢٤٧٦, ٢٤٨٣, ٢٤٨٤, ٢٤٨٥, ٢٤٨٦, ٢٤٨٧) , وأبو داود: الزكاة (١٥٥٨, ١٥٥٩) , وابن ماجة: الزكاة (١٧٩٣) , وأحمد (٣/٦, ٣/٣٠, ٣/٤٤, ٣/٥٩, ٣/٦٠, ٣/٧٣, ٣/٧٤, ٣/٧٩, ٣/٨٦, ٣/٩٧) , ومالك: الزكاة (٥٧٥, ٥٧٦) , والدارمي: الزكاة (١٦٣٣, ١٦٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>