وأما السفر لمن كان من أهل وجوبها، فمنعه الأصحاب بعد الزوال، إن لم يخف فوت رفقته، إذا لم يأت بها في طريقه، وقبل الزوال فمكروه بشرطه; قال ابن المنذر: لا أعلم خبراً ثابتاً بمنع السفر أول النهار إلى الزوال، وإنما يمنع إذا سمع النداء، لوجوب السعي حينئذ. وقال المجد في شرح الهداية: روى ابن أبي ذئب قال: " رأيت ابن شهاب يريد يسافر يوم الجمعة ضحوة، فقلت له: تسافر يوم الجمعة؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر يوم الجمعة "، رواه البخاري، وهو أقوى وجوه المرسل، لاحتجاج من أرسله به. انتهى.
وفي مسند الشافعي، عن عمر أنه رأى رجلاً عليه هيئة السفر، فسمعه يقول:" لولا أن اليوم الجمعة لخرجت، فقال عمر: اخرج، فإن الجمعة لا تحبس عن سفر "، وفيه عن علي نحوه. وفي سنن سعيد بن منصور: عن ابن كيسان: " أن أبا عبيدة ابن الجراح سافر يوم الجمعة ولم ينتظر الصلاة ". وأما ما رواه الدارقطني في الإفراد عن ابن عمر يرفعه:" من سافر يوم الجمعة، دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره "، ففيه ابن لهيعة، ولا يحتج بحديثه عند الحفاظ.
وأما ساعة الإجابة، فاختلف العلماء فيها وفي موضعها من اليوم على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها في الفتح، ولوامع الأنوار وغيرها، ونظمها السيوطي في سبعة عشر بيتاً; وأقرب الأقوال فيها قولان، وأحدهما أرجح من الآخر، كما ذكره في