لما كنت عندنا، إلا أنا ظننا أنه لا يفعل هذا العام، من أجل أنه تقدم من بعضنا مناصحة لك في ذلك. وأنت فاهم، سلمك الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه الله تعالى بالملة الحنيفية، محا جميع ما عليه الجاهلية، من الأعياد الزمانية والمكانية، وعوض الله تعالى عنها الحنفاء، بعيد الفطر، وعيد الأضحى; ومما يدل على ذلك حديث أنس، قال:" قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر " ١، أخرجه أبو داود، والنسائي بإسناد صحيح. وتقرر في الشريعة المطهرة: أنه لا يسوغ تعظيم زمان أو مكان بنوع من أنواع التعظيم، إلا زمان أو مكان جاء تعظيمه في الشرع; فكما أن تعظيم القبور، أو بقعة لم يجيء تعظيمها في الشرع من أعظم البدع، فكذلك تعظيم زمان من الأزمنة، ولا فرق. فلو ساغ تعظيم زمان من الأزمنة التي لم يدل على تعظيمها الشرع وجعله عيداً، لساغ تعظيم ليلة الإسراء، ويوم بدر، ويوم الفتح، وجعلها أعياداً، لما حصل في تلك الأزمنة من الخير الكثير وإعلاء كلمة الله تعالى، وتشريف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد هدمت المولد، والقباب التي على القبور، لكونها أعيادا بدعية.
وبالجملة، فهذه إشارة ونصيحة؛ فإن كان أحد قد شبه
١ النسائي: صلاة العيدين (١٥٥٦) , وأبو داود: الصلاة (١١٣٤) , وأحمد (٣/١٧٨, ٣/٢٣٥) .