عمله، وأما الاستظهار بروحه، فإنه لا يعرف له معنى غير ما عبر به المجيب عنه، من الرغبة إلى الميت والتعلق به، والالتجاء إليه؛ وذلك هو أصل دين المشركين، ويترتب على ذلك من أنواع العبادة جلها ومعظمها، كالمحبة والدعاء، والتوكل والرجاء ونحو ذلك، وكل هذا عبادة لا يصلح منه شيء لغير الله أبداً. وهؤلاء الأموات ونحوهم، لا قدرة لأحد منهم على أن ينفع نفسه أو يدفع عنها، فضلاً عن غيره، كما قال تعالى:{وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} الآية [سورة يونس آية: ١٠٦-١٠٧] ، والله هو المتفرد بالخلق والتدبير، والنفع والضر، والعطاء والمنع، والميت غافل عاجز، لا يسمع ولا ينفع، كما قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} الآية [سورة الأحقاف آية: ٥] ، وقال تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} الآية [سورة فاطر آية: ١٣-١٤] . وقد قصر الله رغبة عباده عليه، بل كل العبادة بأنواعها، كما قال تعالى:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[سورة الشرح آية: ٧-٨] ، وقال:{بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ}[سورة الزمر آية: ٦٦] ؛ وتقديم المعمول يفيد الحصر والاختصاص.