للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه العقوبة العظيمة، لمن علق قلبه بحلقة دون الله. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من تعلق شيئاً، وُكل إليه " ١، أخرجه النسائي من حديث أبي هريرة. ولأحمد عن عقبة بن عامر: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " ٢، وفي رواية: " من تعلق تميمة فقد أشرك " ٣.

[التعلق بأرواح الأموات]

ومن المعلوم أن التعلق بأرواح الأموات، أعظم شركًا من تعليق التمائم؛ وهذا لا يخفى على من له بصيرة في الدين، فإن الفتنة بها أعظم، والتعلق بها أشد. والعبادة عبادة حيثما صرفت، فإن قصرت على المستحق لها وهو الله فهو التوحيد، وإن صرف منها نوع فأكثر لغير الله فهو شرك بالله، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة النساء آية: ٤٨] .

والصحابة، رضي الله عنهم، قد تمسكوا بما علموه من حال نبيهم صلى الله عليه وسلم من تحقيق التوحيد وحمايته عن الشرك؛ فقد ثبت عن حذيفة بن اليمان، صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [سورة يوسف آية: ١٠٦] ".

ومن المعلوم: أن الشرك في عصر الصحابة، رضي الله عنهم، كان قليلاً جداً، فإذا رأوا شيئاً منه أعظموه وأنكروه، وحذيفة رضي الله عنه استدل بهذه الآية الكريمة، على أن هذا شرك بالله؛ فأين هذا مما وقع فيه أكثر الناس اليوم، من طلب


١ الترمذي: الطب (٢٠٧٢) .
٢ أحمد (٤/١٥٤) .
٣ أحمد (٤/١٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>