فإذا تبين أن التعلق بالاشجار ونحوها عبادة لها من دون الله، ووضع للعبادة في غير موضعها، فلا فرق بين أن يصرف لشجرة أو قبر أو غير ذلك. ومعلوم أن الشجر له حياة بحسبه، مطيع لربه يسبح بحمده، وما عبدت اللات والعزى ومناة إلا بمثل ذلك التعلق والاعتقاد، قال مجاهد:" اللات كان رجلاً صالحاً يلت السويق للحاج، فمات فعكفوا على قبره "، وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباس.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء " ١. فقد والله اشتدت غربة الإسلام، حتى عاد الشرك بالله ديناً وقربة يتقرب به إلى الله؛ وهو أعظم ذنب عصى الله به، كما قال تعالى:{لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[سورة لقمان آية: ١٣] ، وقال:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[سورة المائدة آية: ٧٢] ، وقال:{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}[سورة الحج آية: ٣١] .
الوجه الثامن: أن هذا الذي أجازه هذا المجيب، هو بعينه قول الفلاسفة المشركين؛ فإنهم قالوا: إن الميت المعظم الذي لروحه قرب ومزية عند الله، لا تزال تأتيه الألطاف من الله، وتفيض على روحه الخيرات، فإذا علق الزائر روحه به وأدناها منه، فاض من روح المزور على روح