للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأدرانها، وتهالكها على مناقضة كل نهي من تلك المناهي، بفعل عين المنهي عنه، طال تعجبه كون هذه الخلوف ضلت عن ذلك الرشد الأسعد، فعمدوا إلى كل ما نهوا عنه فواقعوه، كأنهم كشفوا واستقصوا بالاستقراء والتتبع، حتى أتوا على مشخصات ما نهى عنه الشارع، فلا شك صدق التأمل أن القوم سلكوا في العمل مسلك المضادة الوافية، ثم زادوا زيادة في درك النكال كافية.

وهذا نص الأحاديث الواردة في ذلك: قال الإمام الحجة الحافظ، إمام الدنيا في الحديث، أبو عبد الله البخاري، في جامعه الصحيح: حدثنا أبو اليمان، قال: حدثنا شعيب عن الزهري، أخبرني عبيد الله بن عتبة، أن عائشة وعبد الله بن عباس، قالا: " لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم، طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ١، يحذر ما صنعوا. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قاتل الله إليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ٢. انتهى بلفظه من كتاب الصلاة.

فتأمل هذه القباب، وما أعد فيها من المحاريب والفرش، ومصاحف التلاوة، واعتياد الصلاة فيها، والتردد إليها في الأوقات للذكر والدعاء والاعتكاف، وما يطول


١ البخاري: الصلاة (٤٣٦) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) , وأحمد (١/٢١٨, ٦/٣٤) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣) .
٢ البخاري: الصلاة (٤٣٧) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٠) , والنسائي: الجنائز (٢٠٤٧) , وأبو داود: الجنائز (٣٢٢٧) , وأحمد (٢/٢٤٦, ٢/٢٨٤, ٢/٣٦٦, ٢/٣٩٦, ٢/٤٥٣, ٢/٥١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>