للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا سنة، إلا آثاراً ساقها، رحمه الله عن السلف، فقال: " وأوصى بعض السلف أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن "، روي عن ابن عمر أنه " أوصى أن يقرأ عنده سورة البقرة "، وكان أحمد ينكر ذلك، وذكر ما رواه الخلال عن أبي العلاء، وقول محمد بن قدامة الجوهري لأحمد، لما رآه ينكر القراءة على القبر، ويقول: هو بدعة، وذكر قول الخلال عن الشعبي: أن الأنصار إذا مات لهم ميت، اختلفوا إلى قبره للقراءة عنده، وذكر قصة الذي يقرأ سورة يس عند قبر أمه، ويجعل ثوابها لأهل المقابر، وذكر حديث معقل بن يسار، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اقرؤوا يس على موتاكم " ١.

وصرح أن احتمالها للقراءة على المحتضر، أولى من احتمالها للقراءة على القبور، من وجوه عدها: منها: أنه نظير قوله " لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله " ٢. ومنها: انتفاع المحتضر بهذه السورة، لما فيها من التوحيد والمعاد، والبشرى بالجنة لأهل التوحيد، وغبطة من مات عليها بقوله: {قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} الآية. الثالث: أن هذا عمل الناس وعادتهم قديماً وحديثاً، يقرؤونها عند المحتضر. الرابع: أن الصحابة، رضي الله عنهم، لو فهموا أنها عند القبر لما أخلوا به، وكان ذلك أمراً مشهوراً معتاداً بينهم. الخامس: أن انتفاعه باستماعها وحضور قلبه وذهنه عند قراءتها في آخر عهده بالدنيا بالاستماع، هو المقصود، وأما قراءتها عند قبره فإنه


١ أبو داود: الجنائز (٣١٢١) , وابن ماجة: ما جاء في الجنائز (١٤٤٨) , وأحمد (٥/٢٦, ٥/٢٧) .
٢ مسلم: الجنائز (٩١٦) , والترمذي: الجنائز (٩٧٦) , والنسائي: الجنائز (١٨٢٦) , وأبو داود: الجنائز (٣١١٧) , وابن ماجة: ما جاء في الجنائز (١٤٤٥) , وأحمد (٣/٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>