للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعراقي، وقال أبو حنيفة ومن تبعه: المد رطلان; فعلى هذا، يكون الصاع ثمانية أرطال بالعراقي. وقد رجع أبو يوسف إلى الحق في هذه المسألة، ووافق أهل القول الأول لما دخل المدينة ووقف على أمداد أهلها، واحتجوا على قولهم هذا بأشياء لا تصح:

الأول: حديث رواه شريك القاضي: عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يجزئ في الوضوء رطلان " ١، مع الأثر الصحيح أنه عليه السلام " كان يتوضأ بالمد " ٢.

والجواب من وجهين: الأول: ما في شريك من المقال، فإنه وإن كان واسع العلم فقيهاً، فقد ضعفه كثير من أئمة الحديث، كابن المبارك ويحيى بن القطان وغيرهما، ووثقه طائفة. الثاني: أن ذلك لو صح لا يدل على أن ذلك المد رطلان؛ فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بثلثي مد، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يكال له الماء للوضوء، فلو صح لما كان فيه دليل على أنه لا يجزئ أقل من رطلين، وأبو حنيفة وأصحابه أول موافق لنا في هذا، فمن توضأ عندهم بنصف رطل أجزأه.

الثاني: حديث رواه موسى الجهني، قال: "كنت عند مجاهد فأتى بإناء يسع ثمانية أرطال، تسعة أرطال، عشرة أرطال، فقال: قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بهذا "،


١ الترمذي: الجمعة (٦٠٩) , وأبو داود: الطهارة (٩٥) , وأحمد (٣/١٧٩) .
٢ البخاري: الوضوء (٢٠١) , ومسلم: الحيض (٣٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>