المحققين من العلماء في مذهب أحمد من الحنابلة وغيرهم، ذهبوا إلى أنه لا يجب صيامه، بل يكره أو يحرم، فمنهم الحافظ محمد بن عبد الهادي الحنبلي.
وقد صنف في الرد على من أوجب صيامه، فإنه، رحمه الله، قال: فصل في الكلام على مسألة الغيم مختصراً: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة، رضوان الله عليهم، إيجاب صوم يوم الثلاثين من شعبان، إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر ليلة الثلاثين؛ ومن ادعى ذلك فلينقله لنا بإسناد يحتج به. وكذلك لم يثبت عن الإمام أحمد، أنه أوجب صومه؛ والصحيح أنه لا يجب صومه؛ ومن قال بالوجوب من أصحاب أحمد، كالخرقي والخلال صاحبه، النجاد وابن شاقلا وابن حامد وغيرهم، فليس معهم دليل على ذلك، بل أكثر ما معهم معان مقابلة بأقوى منها، وأحاديث متشابهة لا حجة فيها، يجب ردها إلى المحكم الواضح؛ فإن العمل بالمتشابه من الآيات والأحاديث وغيرها من الأدلة، لا يجوز إذا أفضى إلى رد محكم، بل يجب العمل بالمحكم ورد المتشابه إليه.
ومتى وقع النّزاع في مسألة من المسائل بين أهل العلم، لم يكن قول أحدهم حجة على الآخر بالاتفاق، بل يجب رد ما تنازعوا فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ