ورسوله، فهذا السفر مشروع باتفاق المسلمين، وهذا هو مراد العلماء الذين قالوا: إنه يستحب السفر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن مرادهم بالسفر إلى زيارته، هو السفر إلى مسجده; وذكروا في مناسك الحج أنه يستحب زيارة قبره، وهذا هو مرادهم، ولفظ زيارة قبره ليس المراد بها نظير المراد بزيارة قبر غيره، فإن قبر غيره يوصل إليه، ويتمكن الزائر مما يفعله الزائرون للقبور من سنة أو بدعة، وأما هو صلى الله عليه وسلم فلا سبيل لأحد أن يصل إلى قبره.
ولم يكن السلف يطلقون على هذا زيارة لقبره، ولا يعرف عن أحد من الصحابة لفظ زيارة قبره، ولم يتكلموا بذلك، وكذلك التابعون، ولا يعرف هذا من كلامهم؛ وما ورد من الأحاديث في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم فكلها ضعيفة باتفاق أهل العلم، ولم يرو أحد من أهل السنة المعتد بقولهم شيئاً منها، ولم يحتج به أحد من الأئمة، بل مالك إمام أهل السنة، الذي هو أعلم الناس بحكم هذه المسألة، كره أن يقول الرجل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولو كان هذا اللفظ مشروعاً عندهم، أو معروفاً، أو مأثوراً عنه صلى الله عليه وسلم لم يكرهه عالم المدينة، ولو كان السلف ينطقون بهذا لم يكرهه مالك. والذي تضافرت به النصوص عن السلف، وأجمعت عليه الأمة قولاً وعملاً هو: السفر إلى مسجده المجاور لقبره، والقيام بما أمر الله به من حقوقه في مسجده، كما يقام بذلك في غيره. انتهى ملخصاً من كلام بعض شيوخ الإسلام.