للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن: بعض العلماء قد قال بجواز السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين، وهذا القول لصاحب المغني، وبعض المتأخرين من الحنابلة والشافعية، وهؤلاء يحتجون بقوله: " فزوروها ". وأما ما يحتج به بعض من لا يعرف الحديث، من قوله: " من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي "، فهذا الحديث لا تقوم به حجة عند من له معرفة بعلل الحديث. وأما ما يقوله بعض الناس: إنه حديث: " من حج ولم يزرني فقد جفاني "، فهذا لم يروه أحد من العلماء؛ ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية، ومثله حديث: " من زارني ضمنت له على الله الجنة "، قال الشيخ: وهذا أيضاً باطل باتفاق العلماء.

قال: والصحيح: ما ذهب إليه المتقدمون، كأبي عبد الله ابن بطة، وأبي الوفاء ابن عقيل، وطوائف من المتقدمين، من أن هذا السفر منهي عنه، لا تقصر فيه الصلاة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد؛ وحجتهم: ما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا " ١، وهذا الحديث اتفق الأئمة على صحته، والعمل به في الجملة؛ فلو نذر رجل أن يصلي في مسجد أو مشهد، أو يعتكف فيه أو يسافر إليه، غير هذه الثلاثة، لم يجب عليه ذلك باتفاق العلماء. ولو نذر أن يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو المسجد الأقصى، لصلاة أو اعتكاف، وجب


١ البخاري: الجمعة (١١٨٩) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>