للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى استقمت: أي قومت السلعة، يعني إذا قومت السلعة بنقد فلا تبعها بنسيئة، معناه: إذا قومتها بنقد بعشرة مثلا، يجعلها بأكثر نسيئة، يعني إذا قلت هي بنقد بكذا وأبيعها بنسيئة بكذا، فيكون قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة، وجعل النقد معيار النسيئة، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم " فله أوكسهما أو الربا " ١ فإنه مقصوده حينئذ هو بيع دراهم عاجلة بآجلة، فلا يستحق إلا رأس ماله، وهو أوكس الصفقتين، وهو مقدار القيمة العاجلة، فإن أخذ الربا فهو مربي.

التفسير الثاني: أن يبيعه الشيء بثمن، على أن يشتري المشتري منه ذلك الثمن، وأولى منه: أن يبيعه السلعة على أن يشتريها البائع بعد ذلك، وهذا أولى بلفظ البيعتين في بيعة، فإنه باع السلعة وابتاعها، أو باع الثمن وابتاعه، وهذه صفقتان في صفقة، وهذا بعينه هو العينة المحرمة وما أشبهها، مثل أن يبيعه نسأ ثم يشتري بأقل منه نقدا، أو بنقد ثم يشتري بأكثر منه نسأ ونحو ذلك، فيعود حاصل هاتين الصفقتين، إلى أن يعطيه دراهم ويأخذ أكثر منها، وسلعته عادت إليه، فلا يكون له إلا أوكس الصفقتين، وهو النقد، فإن ازداد فقد أربى، انتهى كلام الشيخ رحمه الله ملخصا على هذا الحديث.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " نهى عن بيعتين في بيعة " ٢ وقال: " لا يحل سلف وبيع " ٣ وقد ذكر العلماء رحمهم الله


١ أبو داود: البيوع (٣٤٦١) .
٢ الترمذي: البيوع (١٢٣١) , والنسائي: البيوع (٤٦٣٢) .
٣ الترمذي: البيوع (١٢٣٤) , والنسائي: البيوع (٤٦١١) , وأبو داود: البيوع (٣٥٠٤) , والدارمي: البيوع (٢٥٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>