فأجاب: القول قول الراهن مع يمينه، سواء اختلفا في نية الراهن بذلك أو في لفظه ; لأنه أعلم بنيته وصفة دفعه، ولأنه يقول الباقي بلا رهن، والقول قوله في أصل الرهن، فكذلك في صفته، والخلاف بين الفقهاء فيما إذا أطلق ولم ينو شيئا، فبعضهم يقول: له صرف الألف إلى أيهما شاء، كما لو كان له مال حاضر وغائب، فأدى قدر زكاة أحدهما، كان له أن يعين عن أي المالين شاء ; وقال بعضهم: يقع عن الدينين معا، عن كل واحد نصفه، لأنهما قسط في القضاء، فقسط في وقوعه عنهما، هذا إذا أطلق ; وأما إذا ادعى أنه نواه عن الألف الذي فيه الرهن، فالقول قوله، لأنه أعلم بنيته.
وسئل بعضهم: إذا اختلف الراهن والمرتهن في قدر الدين فقال الراهن: الرهن في ثمانية ; وقال المرتهن: في عشرة ; ولا بينة لهما؟
فأجاب: قد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك، فقال مالك: القول قول المرتهن، ما لم يدع أكثر من ثمن الرهن أو قيمته، وحكى ذلك عن الحسن وقتادة، واختاره الشيخ تقي الدين وابن القيم، قالوا: لأن الله سبحانه جعل الرهن بدلا من الكتابة والشهود التي تنطق بالحق، فلو لم يقبل قول المرتهن في ذلك، بطلت التوثقة من الرهن به، وادعى الراهن أنه رهنه على أقل شيء، فلم يكن في الرهن فائدة ; ولأن الله أمر بكتابة الدين، وأمر بإشهاد الشهود، ثم أمر بعد ذلك بما تحفظ به الحقوق، عند عدم القدرة على الكتابة والشهود،