وقال:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[سورة آية: ١٦٢-١٦٣] ، وقال عز وجل:{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}[سورة آل عمران آية: ١٢٢] .
فإن قال قائل: أتوسل بالصالحين، وأدعوهم، أريد شفاعتهم عند الله؛ وقد يحتج على ذلك بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}[سورة المائدة آية: ٣٥] ؛ قيل له: الوسيلة المأمور بها هي الأعمال الصالحة، وبذلك فسرها جميع المفسرين من الصحابة فمن بعدهم ; أو يتوسل إلى الله بعمله الصالح، كما قال عز وجل إخبارا عن المؤمنين:{رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[سورة آل عمران آية: ١٦] ، وقال عنهم في آخر السورة:{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ}[سورة آل عمران آية: ١٩٣] ، وكما في حديث الثلاثة، الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، ففرج الله عنهم.
وأما دعوة غير الله، والالتجاء إليهم، والاستغاثة بهم، لكشف الشدائد، أو جلب الفوائد، فهو الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو الذي أرسل الله رسله وأنزل كتبه بالنهي عنه، وإن كان الداعي غير الله إنما يريد شفاعتهم عند الله، وذلك لأن الكفار، مشركي العرب،