للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ادعى أحد: أن الصحابة فعلوا هذا الوقف، فهذا عين الكذب والبهتان؛ والدليل على هذا: أن هذا الذي تتبع الكتب وحرص على الأدلة، لم يجد إلا ما ذكره، ونحن نتكلم على ما ذكره. فأما حديث أبي هريرة الذي فيه: " صدقة جارية " ١، فهذا حق؛ وأهل العلم استدلوا به على من أنكر الوقف على اليتيم وابن السبيل والمساجد، ونحن أنكرنا على من غير حدود الله، وتقرب بما لم يشرعه الله، ولو فهم الصحابة وأهل العلم هذا الوقف من هذا الحديث لبادروا إليه.

وأما حديث عمر: أنه "تصدق بالأرض على الفقراء، والرقاب، والضيف، وذوي القربى، وأبناء السبيل"، فهذا بعينه من أبين الأدلة على مسألتنا، وذلك أن من احتج على الوقف على الأولاد، ليس له حجة إلا هذا الحديث، لأن عمر قال: "لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف"، وإن حفصة وليته، ثم وليه عبد الله ابن عمر؛ فاحتجوا بأكل حفصة وأخيها دون بقية الورثة، وهذه الحجة من أبطل الحجج، وقد بينه الشيخ الموفق رحمه الله والشارح، وذكرا أن أكل الولي ليس زيادة على غيره، وإنما ذلك أجرة عمله كما كان في زماننا هذا. يقول صاحب الضحية: لوليها الجلد والأكارع، ففي هذا دليل من وجهين:

الأول: أن من وقف من الصحابة مثل عمر وغيره، لم


١ مسلم: الوصية (١٦٣١) , والترمذي: الأحكام (١٣٧٦) , والنسائي: الوصايا (٣٦٥١) , وأبو داود: الوصايا (٢٨٨٠) , وأحمد (٢/٣٧٢) , والدارمي: المقدمة (٥٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>