تقي الدين وجمعاً من أهل العلم صححوا هبة المجهول المشاع، واستدلوا على ذلك بأدلة ظاهرة، وجهالة العين أخف من جهالة العدد؛ فالظاهر صحة الهبة في الصورة المذكورة، والوارث يقوم مقام الواهب في التعيين. وقول بعض أهل العلم: لا تملك إلا بالقبض، معناه: أن الواهب له الرجوع في الهبة قبل القبض، ولا رجوع في مسألتنا.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن امرأة دفعت حليها إلى ابنتها، تجمل به لزوجها وهم في بيت واحد، فكانت تستعمله في حياة أمها، فلما ماتت ادعت البنت استحقاقه بذلك؟
فأجاب: الذي يظهر لنا أن البنت لما لم تدع الهبة، لا تملك بمجرد الإذن في الاستعمال، والظاهر أن ذلك إعارة لا تمليك؛ ومفهوم كلام الأصحاب الذي أشرتم إليه، دليل على هذا، لأن الأم لم تجهزها به إلى بيت زوجها، فلم يوجد ما هو تمليك. وأما الصورة التي سئل عنها الشيخ سليمان بن علي، فالفرق بينها وبين مسألتنا ظاهر، وذلك أن الأم ادعت أن ذلك الحلي الذي اشترته وألبسته البنت أنه ليس للبنت، والظاهر أن ما كان عليها، فهو لها بحكم اليد، وليس هنا أصل يعارض هذا الظاهر. وأما مسألتنا فالأصل فيها قوي، ولم يوجد ما ينقل عن ذلك الأصل القوي، فيبقى