يحيى بن عطوة، فإنه سئل: عما إذا وجد على البنت الصغيرة حلي، وثياب فاخرة، فما حكم ذلك؟ وهل تسمع دعوى الأم أن ذلك لها وإنما ألبسته إياها تجميلاً؟ أو دعوى الورثة أنه لمورثهم، وإنما جملها به؟ وهل بين الصغيرة والكبيرة فرق في ذلك؟ وهل ذلك عامٌّ الأب والأم.
فأجاب: الظاهر من شواهد الأحوال والعرف والعادة المستمرة، أن تجميل الأبوين بنتهما بكل ما يعد تجميلاً، أنه تخصيص لها بذلك، دون سائر من يرثهما، إذا لم تجر عادتهما بأنه عارية تجري عليها أحكامها. إذا عرف ذلك، فلا كلام لسائر الورثة في ذلك، بعد موت المخصِّص المعطي للزوم ذلك بموته، كما صرح به الأصحاب؛ والتخصيص سائغ أيضاً في مسائل، كفقر وعلم ونحوهما. وأما الأم، فإن أقامت بينة شرعية أن ذلك لها، وأنه عارية، ساغت دعواها بذلك، وإلا فلا. ولا فرق بين الصغيرة المميزة والكبيرة في ذلك; وأما غير المميزة فمحل نظر وتأمل.
والذي يظهر لي: أن ذلك عام الأب والأم، وإنما يعد الأب لأنه الغالب، والشيء إذا خرج مخرج الغالب، لا مفهوم له - إلى أن قال - فحيث ثبت إمكان ملك البنت، في المسألة المذكورة بما ذكر، فلا يجوز انتزاع ما صار إليها إلا بدليل راجح، يسوغ المصير إليه شرعاً. انتهى.