وأما المال المقبوض، فلا يطالب به القابض إذا أسلم، لقوله تعالى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ}[سورة البقرة آية: ٢٧٥] . وكذلك المواريث والغصوب، إذا استولى الإنسان على حق غيره، وتملكه في جاهليته ومنع مالكه بحيث أيس منه، ثم أسلم وهو في يده، لا ينازعه فيه؛ فهذا لا نتعرض له، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم:" الإسلام يجُبُّ ما قبله " ١، ولأن الناس أسلموا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ولم يبلغنا أنهم نظروا في أنكحة الجاهلية، ولا في عقودهم ومعاملاتهم، ولا في غصوبهم ومظالمهم التي تملكوها في حال كفرهم. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أهل الجاهلية على ما كانوا عليه؟ قال:"لم يبلغنا إلا ذلك"، وقال الإمام أحمد في رواية مهنا: من أسلم على شيء فهو عليه.
وقال الشيخ تقي الدين: ولو تزوج المرتد كافرة أو غيرها ثم أسلما، فالذي ينبغي أن يقال هنا أن نقرهم على مناكحهم، كالحربي إذا نكح نكاحاً فاسداً ثم أسلم، فإن المعنى واحد؛ وهذا جيد في القياس إذا قلنا: إن المرتد لا يؤمر بقضاء ما ترك في الردة من العبادات، فأما إذا قلنا: إنه يؤمر بقضاء ما ترك من العبادات، ويضمن ويعاقب على ما فعله، ففيه نظر؛ ومما يدخل في هذا كل عقود المرتدين،