ولا ريب، أن الإسلام لو كان بمجرده فرقة، لم يكن فرقة رجعية بل بائنة، فلا أثر لعدة في بقاء النكاح، وإنما أثرها في منع نكاحها للغير؛ فلو كان الإسلام قد نجز الفرقة بينهما، لم يكن أحق بها في العدة، ولكن الذي دل عليه حكم النبي صلى الله عليه وسلم أن النكاح موقوف، فإن أسلم قبل انقضاء عدتها فهي زوجته، وإن انقضت عدتها، فلها أن تنكح من شاءت. ولا نعلم أن أحداً جدد للإسلام عقداً غير عقده الأول البتة، بل كان الواقع أحد أمرين: إما افتراقهما ونكاحها غيره، وإلا بقاؤها عليه، وإن تأخر إسلامها وإسلامه. وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع، وهو إنما أسلم زمن الحديبية، وهي أسلمت من أول البعثة، وبين إسلامها وإسلامه أكثر من ثمانية عشر سنة.
وأما قوله: في الحديث: كان بين إسلامها وإسلامه ست سنين، فوهم؛ إنما أراد بين هجرتها وإسلامه. ولولا إقراره صلى الله عليه وسلم الزوجين على نكاحهما - وإن تأخر إسلام أحدهما عن الآخر بعد صلح الحديبية وزمن الفتح - لقلنا بتعجيل الفرقة بالإسلام من غير اعتبار عدة، لقوله تعالى:{لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[سورة الممتحنة آية: ١٠] ، وقوله:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[سورة الممتحنة آية: ١٠] ، وإن الإسلام سبب الفرقة، وكلما كان سبباً للفرقة تعقبته الفرقة، كالرضاع والخلع والطلاق؛ وهذا اختيار الخلال، وأبي بكر صاحبه، وابن