للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية " ١: هو ندب الميت; وقال غيره: هو الدعاء بالويل والثبور. وقال ابن القيم، رحمه الله تعالى: الدعوى بدعوى الجاهلية، كالدعاء إلى القبائل والعصبية، ومثله التعصب إلى المذاهب والطوائف والمشايخ، وتفضيل بعض على بعض، يدعو إلى ذلك، ويوالي عليه ويعادي عليه؛ فكل هذا من دعوى الجاهلية. انتهى. وبما ذكرناه من كلام العلماء، يعلم أن كل ما خالف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو من دعوى الجاهلية، كما ذكر ذلك الشيخ عبد الرحمن بن حسن، رحمه الله، في شرح كتاب التوحيد.

وأما ما استعمله الناس من قولهم: أنا صبي التوحيد، فالجواب: أن هذا إن كان المتكلم به ينصر حقاً، أو يدعو إلى حق، أو يدفع باطلاً فلا بأس به، وإن كان المتكلم به يدعو إلى باطل، أو ينصر باطلاً، أو كان مراده تزكية النفس أو الترفع بذلك والتعاظم، فذلك لا يجوز. ومثل ذلك قول: أنا ابن فلان، أو أبو فلان، إذا كان المتكلم به قصده إظهار الحق، أو الدعوة إلى الحق ونصرته، لا سيما إذا كان ذلك حال مناهضة العدو، ومكابدة أعداء الدين، فهذا لا بأس به؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: " أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب " ٢، ومن ذلك قول سلمة بن الأكوع: خذها وأنا ابن الأكوع، واليوم يوم


١ البخاري: الجنائز (١٢٩٧) , ومسلم: الإيمان (١٠٣) , والترمذي: الجنائز (٩٩٩) , والنسائي: الجنائز (١٨٦٠, ١٨٦٢, ١٨٦٤) , وابن ماجة: ما جاء في الجنائز (١٥٨٤) , وأحمد (١/٣٨٦, ١/٤٣٢, ١/٤٤٢, ١/٤٥٦, ١/٤٦٥) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٦٤) , ومسلم: الجهاد والسير (١٧٧٦) , والترمذي: الجهاد (١٦٨٨) , وأحمد (٤/٢٨٠, ٤/٢٨١, ٤/٢٨٩, ٤/٣٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>